الجمعة، 29 ديسمبر 2017

مين يشترى الورد مني/بقلم الاديب ا.د/محمد موسى

♠ القصة القصيرة ♠ ♠ ♠ ♠
♠ ♠ ♠ مين يشتري الورد مني ♠ ♠ ♠
♠ ♠ والحياة تحتوي على قصص ، مهما أبدع خيال كاتب فهو لم ينسنج مثلها ، وقصتنا الليلة قد تتشابه مع أخريات في بعض الأحداث ، إلا أنها تنفرد عن غيرها في بعض المواقف ، ففي بيت بسيط يعيش رجل يعمل فراشاً في إحدى المكاتب التجارية وهذا الرجل له زوجة وخمسة أبناء ، بنت كبيرة تمتاز بجمال لا يمكن أن تخطأه العين أنوثه واضحة سببت لها الكثير من المشاكل ، في المدرسة أو حتى في الطريق ، ولكنها لا تشعر بها فهى تعيش في بيت صغير ، وليس لديها خزانة ملابس ، فهي تعلق ما لديها من فستان وبنطلون وبلوزة على مسمار على حائط الغرفة التي تنام بها مع باقي الأخوات والأخوه ، حتى ملابسها الداخلية القليلة هي أيضاً على الحائط معلقة ، أنهت الأن دراستها وحصلت على دبلوم تجارة ، وعادة يكون هذا الطريق مختصر للخروج بسرعة الي سوق العمل ، تنفس الأب الصعداء فقد ذهب عنه حمل أحد الأبناء ، والأن سوف تعينه على تربية باقي الأبناء ، وفوراً ذهب الي صاحب الشركة التي يعمل بها ومعه صورة الشهادة الدراسية للإبنه ، وتوسل اليه أن يعينها معه في الشركة حتى تكون تحت عينه ، إبتسم صاحب الشركة ، وطلب منه إحضار الإبنه لمقابلته ، فرح الأب بشدة ، ولما عاد الي البيت طلب من الإبنه أن تحضر نفسها لمقابلة صاحب الشركة ، وهنا كانت المشكلة فليس هناك ثياب لديها تليق بالمقابلة ، أو بالعمل في الشركة ، إلا أن الأم قالت لها ، مفيش مشكلة ، تعالي معي ، وأخذتها الي محل بيع الذهب ، وباعت ما في أذنيها من حلق ، وذهبت بالبنت الي سوق لبيع الملابس الشعبية ، وقالت لها تخير فستان وحذاء ، ولكن إنتبهي فنحن لا نملك من المال الكثير ، فعلاً إشترت البنت لها فستان وحذاء ، ولاحظت الأم أن الجميع ينظر الي البنت نظرات لا تخطأها عين المرأة المجربه ، عادوا الي البيت والإبنه فرحة ، ونظر الأب الي أذن الأم فعرف من أين جاءت بالنقود ، وفي الغد إرتدت البنت ملابسها وكأنها أميرة كأميرات الحكايات ، التي كنا نقرأ عنها في الكتب ، وذهبت في الصباح الي الشركة مع أبيها ، ونظر الموظفين اليها ، وقال بعضهم معقول كل هذا الجمال عند عم أحمد الفراش ، وعندما دخلت مكتب صاحب الشركة طلب من عم أحمد أن يحضر لها عصير ، وأيضاً شعر صاحب العمل كم هي جميلة ، وجمالها غير ذلك الجمال الذي يحتاج الي مكملات ، من مكياج وأفخر العطور الفرنسية ، حتى يشعر بها الأخرين ، ولما إنتهت المقابلة طلب منها أن تنتظر في غرفة السكرتيرة ، وطلب الأب ، ولأول مرة قال له إجلس يا عم أحمد ، تعجب الأب وقال العفو يا سيدي البيه ، ولكنه كان متلهفاً لمعرفة رأي صاحب العمل فيها ، وقال له بدون مقدمات ، عم أحمد أنا أريد الزواج من إبنتك ، لمعت عين عم أحمد من المفاجئة ، وقال إحنا نطول يا سيدي البيه ، قال له قبل أي شئ يجب أن تعلم أني رجل لا ينجب أولاد ، أجريت تحاليل في كل العالم ، وأخذت جميع الأدوية ولا نتيجة ، أرجو عرض هذا الأمر عليها وعلى زوجتك ، وإذا وافقت فإني سوف أمهرها ب 100 الف جنية أدفها لك فوراً ، وأكتب لها مؤخر 100 الف جنيها مثلها ، ولا أريد منك أي تجهيز لها ، فأنا لدي فيلا فاخرة ، وسوف أأخذها بما عليها من ملابس ، وأترك لكم أسبوع للتفكير ، ولما عاد الأب الي البيت ومعه إبنته ، ولم يتكلم طوال الطريق كلمة وأحدة معها ، فهو كان مشغولاً بنتيجة هو وصل اليها ، أن هذا العرض لا يرفض ، ولكن ما قول الإبنه والأم ، أخذ زوجته في ركن البيت وأخبرها ، وقال لها قبل أي قرار منك ، ضعي أمامك 100 الف جنية ، لن نصرف منهم شئ على أي جهاز أو حتى ملابس ، هذه النقود تعيننا على العيش الكريم ، وتربية الصغار ، قالت الأم قبل أي رأي لي أو لك نسأل البنت ، وأحضر الأب البنت وقال لها أن عمرك الأن 18 سنه وهناك عريس متقدم لكِ عمره 36 سنه أي ضعف عمرك ، وهو رجل شريف وصادق ، حيث قال لي أنه لا ينجب وطلب رأيك علماً بأنه سيمهرك ب 100 الف جنية مقدم ومثلهم مؤخر ، ولا يريد جهاز ولا حتى ملابس لكِ ، فسوف يتكفل بكل شئ وهو يملك فيلا ، وقالت لها الأم هذا عرض لا يرفض ، ولكن هل تصبري على عدم وجود أولاد ، فجأة صرخت الإبنه وقالت أأتي أنا بأولاد ويعيشون كاعيشتنا ، أو ُأحرم منهم وأعيش حياة سعيدة ، يا أبي من دون أن أعرف من هو ، أنا موافقة ، قال لها الأب إنه عاصم بك صاحب الشركة ، قالت أنه رجل مهذب أنا موافقة ، وتم الزواج وذهبت الي بيت زوجها ، وبصبر منه معها عودها على حياتها الجديدة ، التى لم تكن متعودة على مثلها ، كانت تعلم أنه إشترى جمالها للمتعه بها فقط ، لذلك كانت لا تقصر في إبراز جمالها له ، وتقديم جمالها له كل ليلة بسخاء ، وهي تعلم أنها لن تحصل على ما تتمناه كل إمرأة وهي في فراش زوجها ، أن تكون أماً ، فهي قد قرأت أن الزوجة وهي مع زوجها ، تصرخ بصمت وتقول إمنحني أمومه ، إلا أنها كانت تقول لا يأخذ الإنسان من الدنيا كل شئ ، فأنا بحياتي هذه راضية ، ومضى الوقت فإذا الأمومه في داخلها تصرخ ، كأي أنثى ، وهي في كل مرة تسكت هذا الصوت الآتي من داخلها ، حتى رأت الخادمة التي دخلت معها البيت لخدمتها ، وقد تزوجت وأنجبت ولد وبنت ، فإذا هي تتحصر من داخلها كلما رأت الأبناء يتعلقان بزيل ثوبها ، وفجأة سألت نفسها سؤال ، يا ترى من أسعد حالاً أنا أم هي ، أنا بهذا المستوى من العيش والذي لم يكن يوماً ولو حلماً في حياتي ، أم هي بحالتها المعيشية المتواضعة ، وفجأة نزلت من عينها دمعة ، عندما تذكرت أخواتها وقد تغير حالهم ، وبيتهم ولبسوا نظيف الثياب وسكنوا في بيت خارج الحارة الكئيبة التي كانوا يعيشون فيها ، هنا حاولت أن تعيد التوازن الي نفسها ، وقالت الكلمة التي دائما ترددها ، الدنيا لا تعطي للإنسان كل ما يشتهي ويريد فالحمد لله على كل حال.
 ♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الله ربي ........ الشاعر حكمت نايف خولي

  الله ربِّي لله ربِّي خالقي أتخشَّعُ.... ولغيرِه مهما علا لا أركعُ هو قِبلتي أنحو إليه وأرتجي   .... منه الرِّضى وبدفءِ حبِّه أطمعُ...