من مذكرات أستاذ جامعي"
قد يظن البعض أن كلمات ودعوات الكبار للأبناء قد تصيب وقد لا ، وأن طاعة الأبناء للأب والأم ليس لها مردود مستقبلي ، وفي الكتب الدينية وعند كل الأديان حث للأبناء على كمال الطاعة لهما ، وفي الدين الإسلامي إهتمام خاص يجعل حتى القول بأُفٍ منهي عنه ، ولا تتعجب وأنت تجد الشواهد أمامك تؤكد لك أن كل ناجح في حياته كان من وراء هذا النجاح دعاء والدين هو أحسن لهما في حياتهما ، وأتذكر قول لزوجتي كانت تقوله لي رغم هذه الحياة الرغدة والرفاهية التي نعيشها ، فأنت تقول لي أنك تدخر من دخلك لكثرته ، وتقول هي لي من الذي يفعل مثلك هذه الأيام مع الغلاء الذي حولنا ، فكنت دائماً أقول لها ، هذا فضل دعاء أمي وأبي لي ، وكتبت كثيراً أدعية كانت أمي رحمة الله عليها تدعو لي بها ، وأذكر لما جاء لي تليفون من القاهرة الساعة الثامنه صباحاً بتوقيت فرنسا ، حيث كنت أدرس الطب في فرنسا ، وكان عمري عندها 18 سنه بالضبط ويوم ، أن إحضر فوراً فقد قلب سائق سيارة أبوك السيارة ، وماتت أمك ومات أبوك ، وقلت لهم لا تدفنوا أمي وأبي حتى أحضر وحضرت الساعة الرابعة عصراً ، وكشفت وجه أمي فكانت تبتسم ، ودفنتهما ، وقلت لهما إطمئنا على أولادكما فهم أمانه عندي ، وسوف أكون أخر واحد فيهم يتمتع بالحياة ، وكان لي ثلاثة أخوه بنتان وولد وهم أصغر مني بكثير ، ونجحت بل وتفوقت وحصلت على أعلى الشهادات العلمية ، من أرقى الجامعات في العالم ، ونجح الأخوة وكون كل منهم بيتاً جميلاً ، ورزقنا بالبنات والبنين وسعدت حياتهم ، والفضل كل الفضل لدعاء من ألزمنا الله بالطاعة لهما في حياتهما ، لماذا أكتب هذا الأن ؟ كنت في دعوة عشاء خارج بيتي وفي بيت أستاذاً فاضلاً يسكن في بيت ومعه في كل دور بالبيت أخ أو أخت ، وكذلك الأم والأب في إحدى الشقق ، قالت السيدة زوجة الأستاذ المضيف ، أنها رأت مسلسل في التليفزيون يحكي عن قصة عائلة يعيشون معاً في بيتٍ واحد مثلنا ، إلا أن أحد الأبناء والذي يسكن فوق شقة الأم والأب قد منعته زوجته من زيارتهما ، وفي مرة قالت لأحد أبناءها أن أخوك قد وحشني ، فقال لها الإبن سوف يأتي لك الليلة ، وسأل عنه قال حارس العقار لم يحضر بعد إنتظره في الشارع حتى حضر ، طلب منه أن يصد لأمه وأبوه قال له ليس اليوم وأقسم عليه ولكنه قال غداً ، ولما صعد الإبن ليعتذر عن عدم حضور الإبن اليوم ، كان الأب والأم يتحاوران قال الأب: سوف أتركك معه لتشبعي منه حباً ، وأدخل أنا غرفتي وكأني زعلان ثم أخرج وأأخذه بالأحضان وأمطره بالقبلات ، ورن جرس الباب فجرى الأب لغرفته ، ولكن الطارق كان الإبن ليقول لأمه سوف يأتي غداً ، ولم يتمالك نفسه وخرج وأغلق الباب ، دخلت الأم غرفة الأب وصعدت على السرير وطلبت شربة ماء والدموع في عينها وذهب الأب ليحضر كوب ما ، ولما دخل عليها بالماء كانت قد فارقت الحياة ، لما سمعت من السيدة صاحبة البيت هذا الكلام وضعت ملعقتي والشوكة أمامي ، وقد فقدتُ القدرة على تناول الطعام.
♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق