الجمعة، 29 يناير 2021

صوت من الاعماق ................. الشاعر سمير الزيات


 صَوْتٌ مِنَ الأَعْمَاق

ـــــــــــــــــــــــ
فُؤَادٌ رَقِيقٌ ، لَطِيفٌ ، شَفِيفْ
يُعَانِي جُمُوحَ الْحَيَاةِ الْعَنِيفْ
يُنَاجِي الْحَيَاةَ ، وَيَرْجُو صِبَاهَا
فَتُحْظِيهِ مِنْهَا ذُبُولَ الْخَرِيفْ
وَتُفْضِيهِ سِرَّ الشَّقَاءِ وَتَقْضِي
بِلَيْلٍ رَهِيبٍ ، وَهَمٍّ كَثِيفْ
إِذَا مَرَّ طَيْفُ الْمُنَى أَوْ تَرَاءَى
لِعَيْنَيْهِ يَبْدُو كَحُلْمٍ مُخِيفْ
يُدَاعِبُ فِي مُقْلَتَيْهِ الأَمَانِي
فَيَبْكِي أَسِيفاً ، بِدَمْعٍ ذَرِيفْ
***
أَرَى فِي شَقَائِي بَلاَءً لِذَاتِي
أَرَانِي بِدَارِي كَأَنِّي غَرِيبْ
أُخَاطِبُ فِي خُلْوَتِي مَا أُعَانِي
وَتَقْتُلُنِي نَظْرَةُ الْمُسْتَرِيبْ
أَرَى الْحُبُّ يَحْفِرُ فِي الْلَّيْلِ رَمْسِي
فَأَلْمِسُ فِي الْفَجْرِ رُوحَ الْمَغِيبْ
أَرَى فِي بُكَاءِ الأَيَامَى عَزَائِي
فَهَلْ فِي بُكَاءٍ يُرَى مَا يَطِيبْ ؟
فَمَنْ يَرْتَضِي حُظْوَةً مِثْلَ حَظِّي ؟
وَمَنْ في الهوى يرتضي بالنَّحِيبْ ؟
***
فَمَهْلاً فُؤَادِي فَإِنِّي أُنَادِي
فَتُصْغِي لِصَوْتِي قُلُوبُ السَّمَاءْ
فَأَشْكُو إِلَيْهَا هَوَانِي وَضَعْفِي
وَأَشْكُو إِلَيْهَا صُنُوفَ الْعَنَاءْ
وَأَشْكُو سَقَامِي وَأَنَّاتِ نَفْسِي
وَأَشْكُو بَلاَئِي بِهَذَا الشَّقَاءْ
أَيَا قَلْبُ مَهْلاً ، وَصَبْراً جَمِيلاً
فَهَذَا مُنَادٍ رَقِيقِ النِّدَاءْ
تَجَلَّى هُنَالِكَ بَيْنَ الْفَيَافِي
يُرَوِّي لَظَاهَا كَظِلٍّ وَمَاءْ
***
سَمِعْتُ الْمُنَادِي يُنَادِي بَعِيداً
فَأَزْمَعْتُ أَمْضِي لِوَهْمٍ بَعِيدْ
إِذَا بِالْوَسَاوِسِ تَنْخُرُ صَدْرِي
وَيَأْخُذُ قَلْبِيَ خَوفٌ شَدِيدْ
فَأَطْرَقْتُ أُصْغِي لِصَوْتِ الْمُنَادِي
يُنَادِي بِصَوْتٍ رَخِيمٍ عَنِيدْ
تَعَالَ ، وَأَقْبِلْ أَنَا مَنْ تَوَارَى
عَنِ النَّاسِ إِلاَّ لِشَخْصٍ سَعِيدْ
أَنَا الْخَيْرُ أَقْطُنُ فِي كُلِّ وَادٍ
تَعَالَ ، وَأَسْرِعْ أَنَا مَنْ تُرِيدْ
***
تُرَى مَنْ يَكُونُ ؟ ، أَوَهْمٌ كَبِيرٌ ؟
أَحُلْمُ الْكَرَى فِي عُيُونِ الْيَقِينْ ؟
وَعَبْرَ الظَّلاَمِ الرَّهِيبِ تَهَادَى
شُعُاعاً مُضِيئاً لِعَيْنَيْ سَجِينْ
أَتِلْكَ الأَمَانِيُّ عَادَتْ تُرَوِّي
أَسَارِيرَ قَلْبٍ كَئِيبٍ حَزِينْ
تَمَنَّى مِنَ الْخَيْرِ بَاعاً فَمُنِّي
بِشُحٍّ شَدِيدٍ لِدَهْرٍ ضَنِينْ
تُرَى مَنْ يَكُونُ الْمُنَادِي بِأَرْضٍ
تَخَفَّتْ زَمَاناً لِوَقْتٍ وَحِينْ ؟
***
فَهَلْ حَانَ وَقْتُ الْمُنَى أَنْ أَرَاهَا ؟
وَيَنْجَابُ وَهْمٌ وَخَوفٌ مُرِيعْ
وَأَبْذُرُ فِيهَا بُذُورَ الأَمَانِي
لِعُمْرٍ جَدِيدٍ ، وَضِئٍ ، بَدِيعْ
وَيَرْتَادُ سَمْعِيَ صَوْتُ الْمُنَادِي
يُنَادِي بِصَوْتٍ رَقِيقٍ ، وَدِيعْ
دَعِ الْخَوْفَ تَمْلِكُ أَطْرَافَ حَظِّي
فَبَيْنِي وَبَيْنكَ خَيْطٌ رَفِيعْ
تَقَدَّمْ إِلَى جَنَّتِي يا رفيقي
فَمَنْ جَاءَنِي مُفْلِساً لاَ يَضِيعْ
***
تَقَدَّمْ إِلَى الْحُبِّ وَالنُّورِ هَيَّا
فَأَرْضِي جِنَانٌ ، وَظِلِّي ظَلِيلْ
هُنَا سَوْفَ تَحْيَا حَيَاةَ الْخُلُودِ
وَتَسْمُو ، وَتَعْلُو رِقَابَ النَّخِيلْ
وَيَرْتَاحُ فِيكَ الْفُؤَادُ الْمُعَنَّى
وَيَنْسَابُ نَهْرُ الْهَوَى سَلْسَبِيلْ
أَيَا عَاشِقَ الْخَوْفِ وَالْيَأْسِ مَهْلاً
فَمَا خُصَّ مَرْءٌ بِعُمْرٍ طَوِيلْ
وَلاَ مَاتَ مَنْ صَارَعَتْهُ الأَمَانِي
وَلاَ مَاتَ حَيٌّ بِدَاء ثَقِيلْ
***
فَيَا مُنْيَةَ النَّفْسِ وَالرُّوحِ رِفْقاً
بِذَاكَ الشَّبَابِ الْفَتِيِّ الطَّلِيقْ
وَرِفْقاً بِمَنْ عَاوَدَتْهُ الْلَّيَالِي
بِخَوْفٍ كَسِيحٍ ، وَوَهْمٍ غَرِيقْ
وَيَا قِبْلَةَ الْحُبِّ وَالنُّورِ إِنِّي
عَرَفْتُ الأَمَانِي فَأَيْنَ الطَّرِيقْ ؟
فَإِنِّي كَرِهْتُ ابْتِئَاسِي وَذُلِّي
بِمَاضٍ تَوَلَّى ، وَشَرٍّ مُحِيقْ
وَإِنِّي مَلَلْتُ الْجَوَى فِي شَرَابِي
فَدَمَّرْتُ كَأْسِي عَسَى أَنْ أُفِيقْ
***
وَمَزَّقْتُ ثَوْبَ الظَّلاَمِ الْقَتُومِ
بِصُبْحٍ نَدِيٍّ ، مُضِيءٍ ثَنَاهْ
غَداً سَوْفَ أَحْيَا وَيَحْيَا فُؤَادِي
أَجَلْ سَوْفَ أَحْيَا شَبَابَ الْحَيَاةْ
أَجَلْ سَوْفَ أَحْيَا بِرَغْمِ الظُّرُوفِ
وَيَذْوِي الْخَرِيفُ إِلَى مُنْتَهَاهْ
وَيُقْبِلُ بِالنُّورِ صُبْحٌ جَدِيدٌ
وَيُثْمِرُ زَهْرُ الْهَوَى فِي رُبَاهْ
فَيَا قَلْبُ قُمْ لِلْحَيَاةِ وَصَلِّ
فَإِنِّي أُصَلِّي بِشُكْرِ الإِلَهْ
***
سمير عبد الرءوف الزيات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الله ربي ........ الشاعر حكمت نايف خولي

  الله ربِّي لله ربِّي خالقي أتخشَّعُ.... ولغيرِه مهما علا لا أركعُ هو قِبلتي أنحو إليه وأرتجي   .... منه الرِّضى وبدفءِ حبِّه أطمعُ...