(( يا ساقي الكأسِ))
يا ساقيَ الكأس صبَّ الكأسَ لا تَلُـــمِ
لعـــلَّ في الكأسِ ما يشفي من السَّقمِ
أطفئ بها ظمــــــأُ الأرواحِ يا قمـراً
غطى سناهُ على الأقمـــارِ في الظلمِ
ضجّتْ بي الرّوحُ من شوقٍ ومن عطشٍ
فاقتلْ بكأسِكَ حـــــزنَ الرّوحِ بالنّغمِ
خذِ الفؤادَ وهـــــاتِ الكأسَ تغمرُني
واكْثر فديتُكَ إنّ القلــــبَ في ضرمِ
يا ذابحَ النّبضِ ما أبقيتَ من رمـــقٍ
تركتني بينَ حكــــــمِ الذّئبِ والرّخمِ
فلا وحقّ دمي المطلـــــول تبصرهُ
لأنتَ في مقلتي أحلى من الحُلــــــمِ
يا منْ مَشيتَ على الأجفانِ في مرحٍ
خفّفْ قلــــــيلاً بجفنٍ نازفِ الألــــمِ
خوفاً عليكَ وما خوفي على جسدي
لا والهــــــوى وجلال اللهِ ذي النّعمِ
يا شارباً من دمي واللحظُ يفتكُ بي
لا تقتلِ النّفسَ تلقى اللهَ بالجُــــــــرمِ
ملّكتكَ القلبُ والأشـــواقُ ما برحتْ
تبري العظامَ كبري المــــوسِ للقلمِ
الماءُ لا يسعفُ السّكرانَ من غصصٍ
لو أنّهُ هــــــــــاطلٌ يهمي من الدِّيمِ
والخمـــــرُ من فيكَ أو كفّيكَ شافيةٌ
لو أنّهـــــــا هطلتْ مصبوغةً بدمي
والصّبرُ عنكَ عذابٌ لستُ أحملـــهُ
واللــومُ فيكَ يصيبُ الأذنَ بالصّممِ
ناغِ الكمـــــانَ وغنِّي غيرَ مكترثٍ
طورًا مقــامَ الصَّبا أو شئتَ بالعجمِ
تديرُ في لحظكَ الكاساتِ عابقـــــــةً
كأنّها حينَ صفّتْ موقفُ الخـــــــدمِ
ترى الجوارحَ سكرى في الهوى طرباً
كأنّمــــا سُقيتْ من ســــــالفِ القدمِ
شربتُها مثلَ نورِ الفجــــــرِ صافيةً
كأنّني صرتُ فرعــــونًا على الأُممِ
حرّرتُ روحي من الأحزانِ فارتفعتْ
مثلَ الشّواهينِ قد طارتْ على القممِ
أختالُ بالكــاسِ كالطّاووسِ مزدهياً
حتّى يقولونَ بي زهـــوًا من الشّممِ
بها شخمتُ وهانَ النّاسُ في نظري
كأنَّ اشخاصُهم ضربٌ من العـــدمِ
أنا الجديرُ بها وحـــــــدي بلا شبهٍ
وبي من الكبرِ ما يسمو على التُّهمِ
لا أتركُ الكأسَ إنّ الكـــأسَ عرّفني
بعضُ المــــــلامِ كقرعِ السّنِّ بالنّدمِ
فصحبةُ الكأسِ قد تزري بصاحبهـا
وصحبةُ البعضِ مثلَ الموتِ والسّأمِ
ما ينكرُ النّاسُ من شربي ومن أدبي
إذ كنت شهمـــاً أبيًّا ســـــامقَ الهممِ
أشكو إلى الكأسِ لا أشكو إلى أحــدٍ
فالكأسُ خيرُ نديمٍ حــــــــافظِ الذممِ
..........
شعر ورسم / غزوان علي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق