(. عروس المجد )
بأيِّ تشرينَ يا آذارُ أبدؤها ؟
تحيّرَ الفكرُ في أمواجِها غرقا
لا تتركنّي على رسْلي أنادمها
لقدْ فرشتُ لها الأقلامَ والورقا
هما الجناحان همْساً قال في أذني
لولاهما ما سما مجدي وما ائتلقا
غرّدْ بتشرين أيّاً منهما قصدوا
كان الرصاصَ وكان العطْرَ والحبقا
أطلقْ قوافيَك الخضراءَ واشدُ بها
عيُّ اللسانِ بتشرين الهوى نطقا
إنْ ضاقَ في الوصفِ حرفُ الضادِ واعتجزتْ
أمُّ اللغاتِ فكنْ في شعركَ الحذِقا
ولا تهَبْ أنتَ للشعرِ الجميلِ أبٌ
في حضنكَ الشعرُ طالَ النجمَ وانطلقا
لسانكَ الحرّ لم ترْهبْه عاصفةٌ
مذْ كنتَ غضّاً ولمْ ترحمْ به أبِقا
اقطفْ من النجمِ أسماها وكنْ نزِقاً
ولوْ تجنّتْ وقالتْ أنتَ مَنْ سرقا
واحملْ لواءكَ واغضبْ أنتَ من رحمي
فما أُحيلاك فينا شاعراً نزِقا
فرحتُ أسألُ جرحَ النسرِ محبرةً
وعظمه قلماً والقلبَ مُنطَلَقا
وصغتُ من وهجِهِ يا شامُ قافيتي
عقْداً من النورِ لفَّ الصدرَ والعنُقا
نثرتِ قلبَكِ للعربانِ حانيةً
وكم فرشتِ لهم من لحمِكِ الطرُقا
وكم غرستِ ورودَ النصرِ راقصةً
على الجباهِ ولم تلقَيْ لهم ألَقا
مَنْ جاءنا بانياً صُنّا وفادتَه
وقد فرشنا له أسواقنا حبقا
أهلاً وسهلاً على أفواهنا علقتْ
والحقدُ والغدرُ في أحشائه علقا
نشكُّ بالأهلِ والأصحاب واعجبي ؟
وأنتِ علّمتِنا بالأهلِ أنْ نثقا
ماذا يريدون ؟ أعددْنا موائدَنا
وما عرفنا لهمْ نهجاً ومعتنَقا
قالوا لنمضِ معاً في دربهم قدُماً
ونطرقِ القدسَ ليلاً مثلما طُرِقا
قلنا الطريقُ عرفنا كيف نعبرُها
لا تعرفُ الزيفَ هذي الشامُ والملَقا
قالوا لنسكتْ وهذا شرُّ ماطرحوا
أيسكتُ الحرُّ عن حقٍّ إذا زُهِقا ؟
لا حقَّ إلّا بحدِّ السيفِ ندركهُ
والسيفُ إلّا بكفِّ الشامِ ما برقا
أرضُ السلامِ هنا لا الكامبُ دولتُه
هنا ملكنا له المفتاحَ والغلَقا (١ )
يا حافظَ العرْبِ لولا أنتَ ممتشقاً
سيفَ العدالةِ داسوا الحقَّ فانسحقا
جاؤوا إليكَ بأحجارٍ مرصّعةٍ
منَ الفضاءِ وجابوا الشمس والأفقا ( ٢ )
وحاوروك وما ابتلّتْ جوانحهمْ
وأنتَ أنتَ شموخٌ ما انحنى رهقا
وكنتَ أرقى وأسمى من حضارتهم
وإذْ بها تحتَ نعليكَ ارتمتْ مِزقا
أسمى الحضارةِ نمضي نحوَ مبتئسٍ
نكفكفُ الدمعَ من عينيه والعرَقا
نجسّدُ الحلمَ في أجفانِ تائهةٍ
ونستردّ لها البيتَ الذي سُرِقا
وندفع الظلمَ عن شعبٍ تناهبُهُ
أيدي الغزاةِ ولم تُبقِ لهُ رمَقا
هذي حضارتنا في الشامِ لا قمرٌ
نغزوهُ يوماً وننسى الخلْقَ والخلُقا
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يا شامُ يا مرقدَ الأمجادِ لا تهني
الروضُ لولا هبوبُ الريحِ ما عبقا
والشمسُ لولا الدجى ما لوّنتْ شفقاً
والغيثُ لولا هديرُ الرعدِ ما دفقا
النسرُ مرقدهُ شمُّ الجبالِ وإنْ
تعثّرَ النسرُ يبقَ يرقبُ الأُفُقا
والنملُ مهما علتْ في جانحيها تجدْ
بينَ الجناحينِ محفوراً لها نفقا
سكبتُ روحي على خديكِ أغنيةً
وسوف أسكبُ فيكِ العينَ والحدَقا
ما قلتُ حرفاً وما دوّنتُ قافيةً
إلّا وكنتِ لها الإصباحَ والشفَقا
الحرفُ كالنجمِ مذْ كان الزمانُ هُدىً
والحرفُ كالسيفِ إنْ جرّدتِه ائتلقا
( عروسةَ ) المجدِ أهلُ العرسِ ما برحوا
والعرسُ مازال في أنوارِه ألِقا
والروضُ ما زالَ روضاً في تأوُّدِه
والغصنُ مازال غصناً عاطراً عبِقا
وأنتِ يا شامُ روحُ الله في وطني
لا عذْرَ إلّا لِمَنْ في حبِّكِ احترَقا
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
سألتُها القدسَ. عن أمجادِها فشكتْ
حزْناً إليّ وأبدتْ ثوبَها الخلَقا
غدرُ الأشقّاءِ سهمٌ حلّ في جسدي
أصابَ منّي شغافَ القلبِ واخترقا
أجئتَ تسألُ والأمجادُ نازفةٌ
أما رأيتَ دمَ الأطفالِ قدْ هُرِقا ؟
وغرّبتْ عينُها نحوي فقلتُ لها
القدسُ والشامُ في عينيَّ ما افترقا
وأنتما قصّتا حبٍّ وتضحيةٍ
وحافظٌ غيرَ هذا الحبِّ ما عشقا
أنت الأميرةُ أختُ الشامِ توأمُها
وكوكبُ الشرقِ من فوديكما انبثقا
سبحانَ مَنْ كوّنَ الدنيا ورتّبها
واختار أرضكما مهداً له وسقى
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
عادل ناصيف
٢١ / ١١ / ١٩٨٢ /
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق