رسالتي إلى الثامن من إيار يوم مولدي الثاني والثمانين
( عامي الثاني والثمانون )
يا يومَ مولديَ الآتي على عجلِ
لا أبتغي منكَ عاماً أستجمّ به
ما بين سهلٍ وروضٍ معشبٍ خضِلِ
ولا أريدُكَ تأتيني بخابيةٍ
ملأتها بشهيّ الشهدِ والعسلِ
ولا بجرعة ماءٍ من مناهلها
ولا بزعترها الغافي على الجبلِ
ولا برفّةِ عصفورٍ يهدهدني
عندَ الصباح بنور الشمس مغتسل
أنا اعتمدتُ بماء ( الكيم )يحرسني
مدا الحياة إلى أن ألتقي أجلي (١ )
حملتها بشراييني وأوردتي
روتْ فؤادي وصانتني من الزلل ِ
تعيش في داخلي لا شيء يفصلها
كالروح في الجسم أو كالنور في المقل
هي الحبيبة لي أقتات من دمها
وما تزال تساقيني ولم أزلِ
أنا ارتويت بما أوتيتُ من نعمٍ
لا أرتجي منك تاجاً زينَ بالحللِ
طرقتُ بابك مشتاقاً على أملٍ
بالوردِ والحب والتحنان تفتح لي
ضيفاً أتيتك يا عامي فخذْ بيدي
وصُنْ عظامي من الإنهاك والشللِ
إخوانك السابقون استسهلوا طلبي
وبادلوني بعينِ الحبّ والقبلِ
عشتُ المباهج أبناءً وأحفدة
تظلّ تنعشُ لي روحي إلى الأزلِ
وذقتُ قسوةَ أيامي وبهجتَها
وما ابتعدتُ بأحلامي عن الأمَلِ
وما اكتسبتُ من الأيام زهوتَها
بالموبقات ولا بالزيف والخطلِ
وما انحنيتُ لأيامٍ عصتْ وجفتْ
ولا طويتُ فمي في حادثٍ جلَلِ
أروّضُ الصعبَ لا أخشى بوائقه
أُليّن الصخرة الصمّاء بالغزلِ
لمْ تُبقِ لي هذه الدنيا سوى شرفٍ
سامٍ رفيعٍ وفيه مضربُ المثَلِ
به تُزانُ صدور الوارثين غداً
أبهى من المال للأبناء والحللِ
احفظْ كرامةَ إنسانٍ سما ألَقاً
لم يؤذِ حيّاً وغيرَ الحقِّ لم يقُلِ
أنا حملتُ صليبي واحتميتُ به
وما أُصِبتُ بسأْم العيش والمللِ
إنّ الثمانين لم تذهبْ بعافيتي
مازلتُ أرقب ما يأتي بلا وجَلِ
بعد الثمانين عامٌ عشتُ مبتهجاً
فيه وصبحي النديْ بادٍ به وجليّ
عامٌ وسيمٌ سخيٌّ عاطرٌ عبِقٌ
رشَّ الورودَ. فماجتْ بالشذا سبُلي
كذا الحياة بنا تمضي مداورةً
ما بين آتٍ إلى الدنيا ومرتحلِ
أنا جوادٌ ولم أبخلْ بموهبةٍ
وها أنا فارغاً أمضي بلا ثقلِ
أدعوك يا عام أنْ تُبْقي على جسدي
كما أشاء له خلْواً من العللِ
وكن نزيهاً طريّ النفس لا نزقاً
ولا حقوداً فأنت اليومَ من نزُلي
دعني أقابل وجهَ اللهِ منتصباً
لا عاجزاً زاحفا أحبو إلى أجلي
بذا تكون حفظتَ العمر لي بغدي
وما أضعتَ هوى أخوانك الأولِ
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
عادل ناصيف ٤ / ٥ / ٢٠٢٣
/ توسن / أريزونا
( ١ ) : الكيم : ضيعة الشاعر / وادي النضارة /
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق